خاص / الدكتور حنين عبد المسيح يرد علي الأنبا بيشوي
ردا على نيافة الأنبا بيشوى.. بل الرهبنة بدعة أرثوذكسية ـ د. حنين عبد المسيح
: فى إطار رده على كتابى " بدعة الرهبنة " فى برنامج " على الهواء " الذى اذيع على قناة " الصفوة أوربت " يوم الأثنين الماضى 6/7/2009 . قام نيافة الأنبا بيشوى سكرتير مجمع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وأستاذ اللاهوت الدفاعى والحوارات المسكونية بها ومطران دمياط ورئيس دير القديسة دميانة ببرارى دمياط قال نيافته أن الرهبنة ليست بدعة وأنها موجودة منذ بداية المسيحية ودلل على ذلك بأن يوحنا المعمدان ( النبى يحيى ) كان غير متزوج وكان يعيش فى البرارى ويلبس ملابس بسيطة ويأكل مأكولات تقشفية وكذلك الأسينيون كانوا يعيشون حياة تقشفية أيضاً وكل من المسيح وبولس كانا غير متزوجين وقال أننى فى كتابى " بدعة الرهبنة " ص20 ذكرت أن أنبا أنطونيوس مؤسس بدعة الرهبنة ترك أخته فى بيت للعذارى وترهب واعتبر بيت العذارى هذا بمثابة دير للراهبات .
وقبل أن أرد على نيافته وأثبت بأدلة عديدة ودامغة أن الرهبنة بدعة مستحدثة ودخيلة على المسيحية أود أن أُذَكِّر بأننى سبق أن أعلنت عن استعدادى لمناظرة نيافة الأنبا بيشوى لإثبات صحة إنتقاداتى للكنيسة الأرثوذكسية وتم نشر ذلك الإعلان فى جريدة صوت الأمة فى عددها الصادر يوم 6/7/2009 فى باب " أخبار الكنيسة " بصفحة " أقباط " وقد تلقفت قناة " الصفوة أوربت " هذا الاعلان وأبدت استعدادها لتبنى تلك المناظرة وقدمت لى ولنيافة الأنبا بيشوى الدعوة للمناظرة فى برنامجها " على الهواء " ومن طرفى قبلت الدعوة أما نيافة الأنبا بيشوى فطلب أن يظهر وحده فى البرنامج فى حوار مع مقدم البرنامج " جمال عنايت " وليس فى مناظرة أمامى ورفض أيضاً أن تكون هناك مداخلات تليفونية بالبرنامج على غير المعتاد وذلك طبعاً خوفاً من مواجهتى سواء فى الاستوديو أو عبر التليفون خاصة بعد الفشل الذريع لجناب القمص عبد المسيح بسيط أستاذ اللاهوت الدفاعى للكنيسة الأرثوذكسية فى مناظرة سابقة معى أذيعت على قناة المحور فى برنامج " 48 ساعة " أدارتها الإعلامية اللامعة " هناء السمرى " يوم الجمعة 1/5/2009 وإننى أكرر إعلانى عن إستعدادى لمناظرة ليست فقط نيافة الأنبا بيشوى بل وغبطة البابا شنودة الثالث أيضاً عبر أى منبر إعلامى . فهل يجرؤون؟ أما بخصوص ما قاله نيافة الأنبا بيشوى فى برنامج " على الهواء " رداً على كتابى " بدعة الرهبنة " أؤكد مجدداً بأن الرهبنة بدعة أرثوذكسية مستحدثة ودخيلة على المسيحية وأدلل على ذلك بالأدلة التالية :
أولاً : ظهور الرهبنة بعد المسيحية بثلاثة قرون :
فيؤكد الأب متى المسكين والذى يعتبر أكبر عالم راهب فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى العصر الحديث أن تاريخ نشأة الرهبنة هو عام 305 وأن مؤسسها هو الشاب القبطى الأرثوذكسى أنطونيوس ( 251 – 360م ) الذى كون أول منشأة رهبانية فى بسبير ( التى تقع بين أطفيح وبنى سويف بمصر ) ومنها أنتقلت الرهبنة إلى باقى الكنائس الأرثوذكسية ثم الكاثوليكية فى العالم كله . ( راجع كتاب الرهبنة القبطية للأب متى المسكين – طبعة 3 / 1995 – ص 47 ) .
ثانياً : ثمار الرهبنة الرديئة :
قال يسوع المسيح " من ثمارهم تعرفونهم ... كل شجرة جيدة تصنع أثماراً جيدة أما الشجرة الردية تصنع أثماراً ردية ... فإذاً من ثمارهم تعرفونهم " ( متى 16:7-20 ) .
وشتان بين شجرة المسيحية الجيدة التى زرعها يسوع المسيح فى بداية القرن الأول الميلادى وشجرة الرهبنة الأرثوذكسية الردية التى زرعها أنطونيوس فى بداية القرن الرابع الميلادى . فشجرة المسيحية أثمرت رسلا وتلاميذ وأتباع المسيح والذين كان غالبيتهم العظمى من المتزوجين الأسوياء الأطهار والمبشرين الذين ذهبوا إلى العالم أجمع لينشروا نور المسيحية بين الأمم ويقوموا بخدمة الناس فى كل مكان وزمان ويسددوا احتياجاتهم الروحية والنفسية والجسدية أما شجرة الرهبنة ففى عهدها الأول وفى جيلها الثانى والثالث فى أواخر القرن الرابع وأوائل الخامس أثمرت رهباناً معتزلين هاربين من العالم والناس متنصلين من مسئوليتهم تجاه مجتمعاتهم فصار معظمهم ضحايا للأمراض النفسية والكبت الجنسى وانتشر بينهم الشذوذ انتشار النار فى الهشيم وذلك بشهادة قادتهم ومرشديهم الروحنيين وسنكتفى هنا بشهادة اثنين منهم هما :
1- الأب اسحق قس القلالى ( 350 – 440 م ) الذى كان مرشداً وأباً روحياً لـ 210 راهب بين أربعة أديرة وادى النطرون بمصر والذى كان يعزو خراب الأربعة أديرة فى عصره إلى وجود رهبان صغار منحلين وكان يقول " لا تحضروا هنا شباباً صغارا فقد تخربت أربعة أديرة شيهيت بسبب هذا الأمر " ( راجع كتاب الرهبنة القبطية للأب متى المسكين ص 27 ) .
2- الأب أورسيزيدس الذى تولى قيادة رهبنة الشركة بعد وفاة مؤسسها باخوميوس سنة 346م فى صعيد مصر والذى قال فى عظته السابعة : " سأتكلم عن عظمة الرهبنة التى اُحِطَ من قدرها . أيتها الرهبنة أنهضى وأبكى على ذاتك . أنهضى وأبكى على زيك الذى يستحق الاحترام . الذى سيمزقه الذين هم فى منزلة الخنازير والبغال ! أيتها الرهبنة أنهضى وأبكى على أبنائك الصغار الذين أغروهم ... أناشدك يا أخى أمام الله أن تبتعد عن الصداقة الشريرة ... فأنت تراقب حتى تجد اللحظة المناسبة ثم تعطيه ما هو مخبأ فى هدب ثوبك الداخلى حتى يسكب الله أيضاً ومسيحه غضبهما وسخطهما عليك وعليه " ( راجع كتاب فردوس الآباء " بستان الرهبان الموسع " – ج1 – طبعة 1/2007 – ص227 ) .
ثالثاً : أمثلة فى غير محلها يسوقها الأنبا بيشوى :
فالأسينيون المتقشفون كانوا يهوداً ولم يكونوا مسيحيين وكذلك يوحنا المعمدان كان آخر أنبياء اليهودية أما بولس الرسول فلم يكن راهباً على الإطلاق فلم يعيش حياة التقشف الرهبانى القاسى غير الطبيعى بل كان يعيش حياة طبيعية كما لم يعتزل العالم أو يهرب من الناس بل ذهب إلى العالم كله وإلى الناس فى كل مكان ليخدمهم ويبشرهم بالمسيحية وأما المسيح له كل المجد فلم يتبنى يوماً بدعة الرهبنة سواء فى تعليمه أو سلوكه فلم يدعو المسيح إلى الهروب من العالم واعتزال الناس بل على العكس دعى أتباعه أن يكونوا ملحاً للأرض ونوراً للعالم بين الناس ( متى 13:5-16 ) وفى بداية دعوته لتلاميذه قال لهم " هلم ورائى فأجعلكم صيادى الناس " ( متى 19:4 ) وبعد أن أنتهى من تعليمه وتلمذته لهم " ( بعد حوالى ثلاث سنوات ) قال لهم " أذهبوا إلى العالم أجمع وأكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها ... أما هم فخرجوا وكرزوا فى كل مكان " ( مر 15:16-20 ) وقد كان المسيح بنفسه قدوة لهم فى خدمة العالم والاختلاط بالناس حيث " جال يصنع خيراً ويشفى كل المتسلط عليهم إبليس " ( أع 38:10 ) ولم يعزف يوماً عن التعامل مع المرأة والطفل فى طهارة وبراءة وكان يجامل ويشارك الناس فى أفراحهم وأحزانهم فحضر عرس قانا الجليل وساعدهم فى توفير ما يقدمونه للمدعويين من شراب وقَبِل دعوة زكا ودعوة لعازر واختيه مريم ومرثا وأكل مهم جميعاً فهو الذى قال عن نفسه " جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب فيقولون هوذا إنسان أكول وشريب خمر محب للعشارين والخطاة " ( متى 19:11 ) .
رابعاً : قيادة الرهبنة الفاشلة للكنيسة :
فمنذ أن سلمت الكنيسة الأرثوذكسية قيادتها للرهبنة وقصرت اختيار قادتها ( الأساقفة وعلى رأسهم البطريرك ) على الرهبان غير المتزوجين وغير المربيين وبلا أى خبرة فى الأبوة والرعاية فى مخالفة صريحة وصارمة لتعليمات الكتاب المقدس الذى يشدد على أنه
" يجب أن يكون الأسقف بعل امرأة واحدة صاحياً عاقلاً محتشماً يدبر بيته حسناً له أولاد فى الخضوع بكل وقار وإنما إن كان أحد لا يعرف أن يدبر بيته فكيف يعتنى بكنيسة الله " ( 1تى 2:3-5 ) منذ ذلك الحين وبداية من النصف الثانى من القرن الرابع الميلادى وبعد أثناسيوس البطريرك العشرين الذى كان آخر القادة المعتبرين للكنيسة القبطية الأرثوذكسية بدأ إنحدارها وتأخرها عن باقى كنائس العالم فى كافة المجالات وأصبح مستوى كليات اللاهوت بها متدنياً وأصبح جهل أساتذة لاهوتها بالكتاب المقدس فاضحاً وأصبحوا غير قادرين على المناظرة أو المواجهة والدفاع عن عقيدتهم مؤثرين الهرب أو الرد فى غير مواجهة وتوغلت مظاهر الوثنية وأنتشرت فى طقوسها وتعاليمها ولم تقف عند حد إمتلأها بالصور فى دور عبادتها والتى يقدم لها أو أمامها الكهنة والشعب العبادة بل دخلتها أيضاً التماثيل حديثاً وتحديداً فى عصر البابا الحالى كما فى كنيسة ودير القديس سمعان بالمقطم بمصر وغيرها الكثير من مظاهر الضعف والانحراف عن الطريق المستقيم .
خامساً : التناقض بين المسيحية والرهبنة :
فهناك تناقض شديد بين تعاليم المسيحية وتعاليم الرهبنة وأختلاف كبير فى نظرة كل منهما تجاه العديد من الأمور الهامة مثل : النظرة للمرأة والطفل والعالم والناس والزواج والجنس والجسد والخلاص وسنكتفى هنا لضيق المجال بالحديث عن التناقض الشديد فى نظرة كل منهما للجسد والتعامل معه .
فالمسيحية تدعو للعناية بالجسد كعطية وهبة صالحة أعطاها الله للإنسان ليحافظ عليها ويستثمرها لمجد الله وخدمة الناس وتدعو للعناية به وبصحته وتغذيته كما يعتنى الرب بالكنيسة " لم يبغض أحد جسده قط بل يقوته ويربيه كما الرب أيضاً للكنيسة " (أفسس 29:5 ) كما يوصى الرسول بولس الزوجين بعدم التقصير فى إشباع الاحتياج الجنسى للطرف الآخر " ليوف الرجل المرأة حقها الواجب وكذلك المرأة أيضاً الرجل . ليس للمرأة تسلط على جسدها بل للرجل وكذلك الرجل أيضاً ليس له تسلط على جسده بل للمرأة لا يسلب أحدكم الآخر " ( 1كو 3:7-5 ) .
وتستنكر المسيحية إزلال الجسد وحرمانه وقهره وتعتبر كل هذه التصرفات ليست بقيمة ما من جهة إشباع الإنسان روحياً ولا من جهة وخلاصه " لماذا تُفرَض عليكم فرائض لا تمس ولا تذق ولا تجس حسب وصايا وتعاليم الناس التى لها حكاية حكمة بعبادة نافلة وتواضع وقهر الجسد . ليس بقيمة ما من جهة إشباع البشرية " ( كو 20:2-22 ) .
فالشبع الروحى للإنسان وتحرره من سلطان الخطية والشهوة واكتساب القدرة على السلوك بما يرضى الله وبالتالى النجاة من العذاب الأبدى ونوال النعيم الأبدى يناله الإنسان كهبة مجانية من الله بالإيمان به والاتكال على فداءه ونعمته وليس بالمجهود الذاتى والجهاد الشخصى فى محاولات فاشلة للانتصار على الخطية والشهوة " ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح . بالنعمة أنتم مخلصون . وأقامنا معه وأجلسنا معه فى السماويات فى المسيح يسوع ... لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطيه الله ليس من أعمال كى لا يفتخر أحد – لأننا نحن عمله مخلوقين فى المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لكى نسلك فيها " ( أفسس 8:2-10 ) أما الرهبنة فعلى النقيض من هذا تدعو لقهر الجسد وإذلاله وحرمانه أملاً فى إطفاء نار الشهوات به والإرتقاء بالروح وهو ما فشل فيه الرهبان فشلاً زريعاً فى مختلف العصور والبلدان وتشهد على ذلك تعاليمهم المتطرفة وسيرهم الرديئة وتصرفاتهم المجفوفة إزاء أجسادهم فعلى سبيل المثال لا الحصر اعتاد أنبا أنطونيوس مؤسس بدعة الرهبنة شرب الماء العكر وأوصى بتعجيز الجسد وأضعافه وإيلامه واعتاد أنبا مكاريوس أب أباء رهبنة شيهيت شرب الماء النتن وقطع أنبا أمونيوس الطويل أذنه وحرق أطرافه بالحديد المحمى بالنار وأنبا مقار الاسكندرانى تعرى لمدة سنة ليعرض جسده للدغ الناموس حتى تورم بالكامل والأب اسحق قس القلالى كان يأكل رماد المبخرة مع الخبز ورفض الأكل الطبيعى حتى فى مرضه . والأنبا أرسانيوس كان يضع الخوص المعطن النتن فى قلايته ليشتم رائحته العفنة إذلالاً لجسده . فهل بعد كل هذه الأمثلة والكثير غيرها من تعاليم آباء الرهبنة المهوسون وتصرفاتهم المجنونة والشاذة والتى لا تمت للمسيح ولا للمسيحية بصلة لا تزال الكنيسة الأرثوذكسية ممتلة فى شخص نيافة الأنبا بيشوى تزعم بأن الرهبنة الأرثوذكسية ليست بدعة وتضعها أمام شعبها كنهج للقداسة والوصول إلى الله وتضع آباء الرهبنة المرضى نفسياً والمجانين كأمثلة للشعب الأرثوذكسى وتعتبرهم قديسين وتختار قياداتها من بين الرهبان غير المتزوجين وغير المربيين فى مخالفة صارخة وصريحة للكتاب المقدس ؟!!!
كاتب وباحث مسيحى
henien_abdelmaseeh@hotmail.com
0 التعليقات:
إرسال تعليق